لا تقرأ هذا الموضوع

لا اجد ما يستحق الكتابة، مع أن الكتابة تلح علي، حمى او ثورة داخلية تريد أن تتفجر ككلمات على الصفحة، لكنها بعد لم تجد الشكل الذي ستلبسه، وتطل به على الدنيا، ربما لم ينضج هذا الموضوع بعد، أو ربما فات أوانه، لا شيء مفيد هنا لتقرأه، عزيزي القاريء لا تواصل القراءة.

لم يكن امرؤ القيس مجبرا ان يستيقظ صباحا ليلتحق بعمله او دراسته، وربما كان هذا هو سر استيقاظه المبكر، فلاشيء يجبره ان يفعل ذلك بل هي رغبته الشخصية، كان غنيا فهو ابن ملك، فلا يعوزه أن يعمل، ولا ينقصه المال، بل لقد افسده الدلال، فلما قتل ابوه لم يدر كيف ياخذ بثإره، فأضاع الملك وضيع البلاد، وعلى كل فقد كان شاعرا لا يشق له غبار، ومن بين كل سيئاته، لا يجب ان ننسى هذه الحسنة، فربما لو لم يكن امرؤ القيس شاعرا كبيرا لم نكن سمعنا عنه وعن سيئاته الكثيرة!
احيانا حسنات المرء هي من تبرز سيئاته!

حتى حسان ابن ثابت، وهو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن قال له المصطفى عليه السلام، أهجهم وروح القدس معك، لم يشترك يوما في جهاد، ولم يكر على الكفار بغارة، فقد كان ابهامه مقطوعا ولا يقدر ان يحمل السيف، وان لم تكن هذه بسيئة له، فمن مساوئه أنه خاض فيمن خاضوا في حديث الأفك على السيدة عائشة رضي الله عنها.

لست اخوض في سيئات الشعراء، إنما أخوض في الشعراء، كان زهير ابن كعب قد هجى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم اراد ان يصحح خطأه فاتى الرسول صلى الله عليه وسلم ومدحه في قصيدة بديعة، ولكنه افتتح قصيدته بالغزل! فقال:
بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول ***متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا*** الا أغن غضيض الطرف مكحول

ولم ينهه الرسول عن فعلته.

وذلك يقودنا الى مشكلة الفتاوى، فكيف سيفتي الشيوخ ان شعر الغزل حرام أو حلال؟!
ولكن أظن أن هذا الموضوع سينتظر قليلا، فلدى الشيوخ مشكلة اشد تعقيدا، فهم الان ينظرون في أحداث قليقيلية، ليقرروا من ممن قتل بالامس شهيد، ومن ليس كذلك!

لن أطيل هذا الموضوع فهو لا يحمل فكرة، ولكني ساكتب شيئا أخيرا، فقد ذهبت بالامس لمدينة العين، وهي تبعد عن محل اقامتي 160 كم، أي ما يعادل المسافة من طولكرم الى عمان مرة ونصف، وهي لا تعتبر بالمسافة الكبيرة، حيث تقطعها السيارة في ساعة ونصف في المعدل، وهي ليست أول مرة أذهب فيها لهذه المدينة، فقد زرتها كثيرا جدا، وتشتهر العين بأنها المدينة الخضراء، اشجار خضراء على طول الطريق، أعشاب خضراء، زهور وورود، منظر يوحي لك، من وراء زجاج السيارة، ومن تحت التكييف بالبرودة، فإن اشتد عليك هذا الاحساس، وقررت ان تفتح زجاج نافذة السيارة لتتأكد منه، فستلفحك السنة لهب الجو الملتهب، وتجبرك أن تقفل النافذة بسرعة، ورغم كل تلك الخضرة، لا تلبث الصحراء أت تطل بوجهها من هنا أو هناك، كثيب رملي هنا، وبعض الرمال التي غافلت الاشجار ووصلت الى الشارع فتكومت عليه هناك، وكانها تقول لك، لا تنخدع أنت في الصحراء، قطعت المسافة (160كم) دون أن أتوقف ولو لمرة واحدة، فخطر ببالي سؤال ملح، لوأني قطعت هذه المسافة في بلدي، كم مرة سأضطر للتوقف وكم مرة سأخضع للتفتيش؟

"احيانا حسنات المرء هي من تبرز سيئاته!"

واحيانا سيئات المرء تمحي حسناته, كالكثير من الشخصيات البارزة, وقد شدّت انتباهي هذه الجملة كثيرا, حيث تذكرت موقف قبل اسبوع تقريبا, كنا ندرس لامتحان التاريخ (البجروت), ومن المواد التي تشمل الامتحان كانت مصر ما بين الحربين, وحدث نقاش طويل حول مصطفى النحاس, زعيم حزب الوفد بعد سعد زغلول, واستنتجت بالنهاية أن بداية الكثير من الناس جيدة وحسنة, ولكن نهاياتهم الفظيعة, تمحي بداياتهم.

معك حق, فلو كنتَ في بلدك لتم تفتيشك مرات ومرات, وهذا جد مثير للاستغراب كيف لم يتم تفتيشك طوال الساعة والنصف فعلا!!

سردك جميل, والعنوان شدّني كثيرا
وبالذات, هناك الكثير مما يستحق القراءة.

دمتَ

عـزيـزي جواز سفر:
"لا تقرأ هذا الموضوع"
عنــوان مشــوق للغاية!
"عزيزي القارئ لا تواصل القراءة"
تضاعف تشويقي لإكمال قراءة النص!
أنتَ تُتقن فـن تنسيق الأفكار وترتيبها حسب تسلسل سلس ومشوق !
"لو أني قطعت هذه المسافة في بلدي، كم مرة سأضطر للتوقف وكم مرة سأخضع للتفتيش؟"
هكذا كُتب لنا أن نحيى يا أخي , وأتمنى أن هذه الأفكار لا تؤثر على نفسك , ابقَ آملا كما عهدتك , فحتما سوف يأتي اليوم الذي ستقطع مسافة كهذه التي قطعها في بلدك ولن تتوقف ولن تُفتش !

عملاق في كل حرف كتبته ، فكلما أنتقل من حرف إلى آخر أجدك تعانق السحاب، أسجل إعجابي أيها العزيز .. وشكرا لك لإتحافنا بهذه المعلومات التي كنت اجهل بعضها !
وسردك يستحق القراءة والإمعان !
شــكــرا
دُمـــت لـنـا .

الجارات الغاليات

العجز أن تحتاج ولا تقدر، أن تريد ولا تستطيع، أن تتمنى وأنت تشعر بالإنهاك، تلك كانت حالتي في الأمس حين بدأت كتابة هذا الموضوع
أحيانا الكتابة تنهك أكثر من الاشغال البدنية! وعندما انتهيت من كتابة موضوع لا تحرروا فلسطين، كنت خائر القوى، ليس لأن الموضوع أشغلني كثيرا، وليس لأن الموضوع رائعة أدبية احتاجت مني جهدا زائدا في الصياغة، فهو ليس كذلك، ولكن لان الغضب الذي بداخلي هو من كان يكتب، كنت أكتب بحقد، كنت أكتب بكراهية وكنت أكتب بمرارة، فما أن انتهيت كنت قد استنفذت قواي.

شعرت بالرغبة في الكتابة، كتابة أي شيء اخر، ولكن لم أكن قادرا على التفكير أو التركيز في شيء محدد، فكلما هممت بأن اكتب شيئا أجدني أعيد صياغة موضوع لا تحرروا فلسطين، فأقف أمام ما كتبت كالابله، وامام هذا الوضع المزري، وأمام الحاجة الى الكتابة، قررت أن أعتذر أولا عن الموضوع قبل كتابته، فأغلب ظني أن الموضوع سيخرج بلا هدف او سياق! وبعد فقرة الاعتذار رايت امريء القيس يتراقص أمامي ولم أستطع ان أرى شيئا غيره، فسمحت له ان يدخل الموضع ولكني قررت أن " أبهدله" لا أن أمدحه، ثم جاء حسان ومن بعده كعب، ومع كعب لا بد أن نذكر المشكلة التي أثارها بين المشايخ، في مشروعية شعر الغزل من عدمه، ومع المفتين خطر لي ان اسأل عن قتلى قلقيلية، هل هم شهداء أم جبناء؟!
وفي الختام كان الانقلاب، بموضوع لا علاقة له بكل ما سبق، والحقيقة أني جد مسرور لان الموضع نال منكم الاستحسان، وان كانت في سياق المجاملة.
وشكرا

والحقيقة أني جد مسرور لان الموضع نال منكم الاستحسان، وان كانت في سياق المجاملة.

ليس من باب المجاملة لا سمح الله, وانما الموضوع بعفويته, بغضبك وثورتك النارية, بتعبك وانهاكك من هذا الوضع التي لا يفتئ أن يخمد ليعود ويتأجج كنيران مشتعلة لا تنطفئ.. بغضبك هذا, خرج نص متنوع كهذا, نص ابداعي برأيي, ولكنك تراه "ناقص" ربما وفوضوي وغير متعلق ببعضه البعض, لأنك جد غاضب.. ومعك الحق بذلك
ولكن صدقا.. النص جميل جدا.. وشيق
لا تحرمنا من هكذا كتابات تخرج بعفوية تامة بلحظة غضب, حزن , ثورة, .. أو فرح حتى!

شكرا نور على هذا الاطراء ، ودمت بخير

سلمت يمينك " جواز السفر " على موضوعك المميز هذا , تكلمت في عدة أمور و لفت انتباهي آخرها و مقارنتك التي في محلها , ربما لأنني جربت تلك الطريق من ( دبي أو أبوظبي ) الى العين طريق طويل لكنها تطوى بسرعة و لا يستوقفك فيها شيء , أما في بلادنا التي تنهش الحواجز جسمها و تقطع أوصالها فقد يستغرق الأمر أضعاف ذلك الوقت , للأسف لم تتح لي فرصة زيارة بلدي فلسطين و تجربة الوقوف على الحواجز لكنني أعتقد أنها تقارب بصعوبتها التفتيش و المساءلة التي نتعرض لها - كل صيف - عندما نفكر في ترك مدينة صيدا في لبنان لزيارة أحد أقاربنا في مخيم عين الحلوة , كأن الفلسطيني ملاحق بالحواجز و التفتيش أين ما ذهب ؟!
أجدد شكري لك " جواز سفر " و أتمنى أنك لم تعاني كثيرا خلال رحلتك هذه من الحواجز و قبلها من مغامرة الجسر ( التي أسمع عنها و عن صعوبتها دائما ! ) ....

ليلكة الجليل:

أدعو الاله ان يمن علينا وعليكم بفتح من عنده فتعود لنا الدار ويعود كل لاجيء لها ولنا، كلنا لاجئون، وكلنا محاصرون، تحاصرنا العادات والافكار، والاوضاع، والمجتمع، والظروف الاقتصادية، يحاصرنا الاحتلال، ويحاصر بعضنا البعض الاخر، حواجزنا النفسية اشد واصعب من حواجز الاحتلال وقمعه، حين تضطر ان تفتش نفسك تفتيشا دقيقا بحثا عن أية فكرة متمردة تسللت لتفكيرك دون تعمد منك، فإنك لن تابه لو جردك الاحتلال من ملابسك بحثا عن إشارة لغارة قادمة.

شكرا لكي، ليلكتنا، ولأن الليلك رمز الحرية، فانتي بشرى الجليل بالتحرر، وبشرى النفوس بهدوء البال، اشكرك على المرور

» ضع لهذا الموضوع عنواناً بعد أن تقرأه