هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
https://she3r.alafdal.net/h1-page

 

 أنشودة المطر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خالد حمد
مبدع جديد
مبدع جديد
خالد حمد


ذكر
عدد المساهمات : 29
العمر : 34
الموقع : الأردن
العمل/الترفيه : طالب
المزاج : حتى آخر نفس....
نقاط : 5374
تاريخ التسجيل : 14/09/2009

أنشودة المطر Empty
مُساهمةموضوع: أنشودة المطر   أنشودة المطر Icon_minitimeالسبت أكتوبر 03, 2009 11:34 am

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم

وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر

كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر

تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر

أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار

أصيحُ بالخيلج: "يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى"
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"

أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُ الرعود
ويخزنُ البروقَ في السهولِ والجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
وأسمعُ القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ وبالقلوع
عواصفَ الخليجِ والرعود، منشدين
مطر.. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ والجراد
وتطحن الشوان والحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ… حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر

في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر

أصيحُ بالخليج: "يا خليج..
يا واهبَ اللؤلؤ والمحار والردى"
فيرجع الصدى كأنه النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"

وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال، رغوةَ الأجاج، والمحار
وما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرُبّها الفرات بالندى

وأسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر

في كل قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي، واهبِ الحياة

ويهطلُ المطرُ


هذه القصيدة للشاعر العراقي بدر شاكر السياب ، وأظن أن الكثير منكم من سمعها أو قرأها في يوم من الأيام ، وقد كانت هذه القصيدة في كتاب الثقافة الأدبية في التوجيهي( المنهاج الأردني قبل 3 سنوات ) ومن هناك عرفتها وبدأت أبحث عن هذا الشاعر وقصائده ، ووجدت أنه من أعرق الشعراء العرب ، شعراً وشعوراً وعواطف وحنين ووطنية.....
أرجو أن تستمتعوا بها....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنشودة المطر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أنشودة المطـر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: شــــــــــعــــــــراء :: شعر وشعراء-
انتقل الى: