هل سيتحد العرب؟

في احد البلدان العربية، تحتاج كعربي من بلد اخر، ان تحصل على تأشيرة دخول، تحت كفالة شخص من داخل تلك الدولة، لكن ان كنت تحمل جنسية أخرى أجنبية الى جانب جنسيتك العربية، فبإمكانك ان تدخل وتخرج متى تشاء، وتحصل على الترحيب الذي تتمناه.

في دولة عربية أخرى، يزداد الامر سوءا، فكرامتك قد تمتهن ان كنت عربيا، واحتجت للتعامل مع السلطات في أي امر كان، أما لو نعلق الامر بأي شخص أجنبي، فإن كل المحظورات تصبح متاحة، وكل الامور تتيسر لمصلحته.
في الهند توجد أكثر من سبعين لغة، وتوجد من الديانات ما سمعنا به وما لم نسمع، أما عن الاحياء الفقيرة فحدث ولا حرج، وعدم توفر الموارد هو امر وارد، ولكن الهند عسكريا، قوة نووية، واقتصاديا، من اقوى عشرة اقتصاديات في العالم، والاهم من ذلك ان الهند موحدة.

حال رؤسائنا العرب، يحار فيه الحكيم، ويستعصي على فهم الفهيم، فالرئيس المصري، إبان حرب غزة، افتعل مشكلة مع قطر، لأنها تجرأت على الدعوة الى قمة عربية، لم يرغب بها هو، فسكوته عن المجازر كان بأمر من الاسياد، وتواجده في تلك القمة، كان سيعرضه للضغوط فيفتح المعبر، ويعرضه للاحراج فينتقد العدو الصديق، اسرائيل، فكان منه ان افتعل مشكلة مع قطر، وشق الصف العربي، أما السعودية، فسارت على نفس القافية، ولمحت الى انجرار قطر وراء أيران، أما بالنسبة لقطر، فهي على صغر حجمها، تسعى للعب دور اقليمي، فقد استضافت الحوار اللبناني، ومن بعده السوداني، ودعت الى قمة اثناء حرب غزة، وكان موقفها من العدوان اقوى موقف عربي، وهي على ذلك تسعى لإرضاء الجميع، فعلاقات قطر بإسرائيل لا تخفى على أحد، حتى أنها ارسلت طائرة تحمل مساعدات لغزة عن طريق اسرائيل، وليس ذلك يدينها، فعلى الاقل لدى قطر استراتيجية واضحة، وليست كغيرها الذين برعوا في اللعب من تحت الطاولة.

في قمة الكويت الاقتصادية حصلت المصالحة بين مصر وقطر، وكأنها كانت مصالحة امام الكاميرات، فمالبثت مصر أن نكصت على أعقابها، وامتنعت عن حضور قمة الدوحة الاخيرة، وأعلنت صراحة أنها لن تحضر بسبب برود العلاقات مع قطر.

أما الملك السعودي، والرئيس الليبي فتلك قصة اخرى، فقد أقدم القذافي في أحد القمم السابقة، وروى قصة الملك فهد قبل حرب الخليج عام 1991، وقال أن الملك فهد أجبر على السماح للامريكان بالدخول الى المملكة، فاشتد الامر بين الملك عبد الله والرئيس القذافي، وانتهى الموضوع بأن شتم القذافي عبدالله.

وقد حصلت المصالحة بينهما في قمة الدوحة، أما ان كانت مصالحة شكلية او غير ذلك ، فهذا ما سنراه قريبا

العاهل السعودي اتهم الرئيس السوري بانه حانث باليمين، فقد طالبه عبدالله بالضغط على حزب الله في الماضي، ووعده بشار بذلك ولكنه لم يوف بعهده، فاختلف الاثنين، ولكن الامر على ما يبدو قد انتهى في القمة الاخيرة، شكليا على الاقل.

ليس ما سبق بالغريب، حين تقارنه بغيره من عجائب دولنا التي فاقت عجائب الدنيا السبع اعجازا، فمصر تبيع الغاز لاسرائيل بسعر زهيد، والحكومة رفضت مرارا وتكرارا ايقاف تصدير الغاز او حتى تحسين شروط التصدير، مع العلم ان اسرائيل تعيد تصدير الغاز لاسبانيا باسعار مضاعفة!

ليبيا تعد واحدة من أغنى الدول الافريقية وأكثرها مواردا طبيعية، والفقر فيها يضرب ارقاما قياسية!

الرئيس السوداني مطلوب للعدالة الدولية، ودول المغرب العربي، تعاني فقرا خانقا، ونسيجا اجتماعيا مخلخلا، وهي على ذلك ليست موحدة المواقف، فلطالما اتهمت المغرب الجزائر بدعمها لجبهة البوليساريو، ومويتانيا تعيش حياة تتلخص بالفقر والانقلابات ودول المشرق العربي، على غناها المادي، لا تملك التأثير المناسب على الساحة الدولية، ولم ترتق باقتصادها الى مستويات منافسة.

هل يمكن ان يتحد العرب؟ ذلك هو المستحيل بعينه، فقد اصبح العرب يكنون مشاعر العداء لبعضهم أكثر مما يكنون لأعدائهم، والمأساة ان ذلك العداء انتقل من الحكومات الى الشعوب.

منذ الازل، لم يتحد العرب، بل كانوا قبائل متنافرة، يغزو بعضها بعضا، كحالنا اليوم، ولم يحدث ذلك الاتحاد، حتى وحدهم دين واحد، وفكرة سامية، أعتنقوها فذابت الخلافات، وساروا بها فدانت لهم الارض، وفتحوا البلاد تحت شعار ان لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى.

الناظر الى حالنا، والناظر الى حال العرب أيام الجاهلية، لا يرى فرقا الا اننا زدنا عددا لا يعتد به، فنحن كغثاء السيل لا نفع فيه، نحن قبائل متناحرة، على الرغم من الابتسامة التي يرسمها قادتنا على وجوههم عندما يلتقط لهم الصحفيون صورة تذكارية عقب كل قمة فاشلة، أجدى بها ان تسمى قعرا لا قمة.

ما احوجنا اليوم الى نبي يخرج لينشر فينا دين الله الذي نسيناه، فنسينا الله، ما احوجنا الى هجرة نبوية، تعيد رسم خارطة العالم، ويبدأ التاريخ منها.

العزيز جواز سفر:
قمم عربية في مهب الريح, يتم عقدها في جحور لجرذان خائفة ان "تزعل عليها" اسرائيل, فهل يوجد أهم من كسب رضا اسرائيل؟ بالنسبة لهم -لا-
موقف العرب من حرب غزة كان مقرف ومخزي جدا.. فقد رأينا غير العرب يتعربون.. وهذا يجعلني انا شخصيا.. أشعر بالإحراج من كوني عربية, كل الدول العربية التي تغطي بقاع الأرض.. بل قُل معظمها, تخاذلت, ولكن دولة غير عربية أبدت موقف عجز عنه العربي.. والله عيب
اما عن توحد العرب, فهذا من المستحيلات, وصدق من قال :" اتفق العرب ان لا يتفقوا"

اسائل نفسي كثيرا.. في الماضي كان للعرب هذا الشرف والنخوة والأنفة والكبرياء, واليوم أصبح العرب عملة رخيصة, لا يُذكر العرب إلا بارفاق بعض الذل والمهانة

وتلك القمم, ليست قمم عربية, بل قمامة عربية وخيانة عظمى, منذ الحرب العالمية الأولى والخيانة تسري في عروق العرب كسريان الدم, وأرى أنه مُحال مُحال أن يتحقق ولو شرط واحد من شروط التوحيد.

مقالة قمة في الروعة -أصبحت أكره أن استعمل كلمة قمة في كتاباتي حتى لا تُذكرني بالقمامة العربية- أقول أن المقالة جميلة جدا ومهمة, وصادقة

دمتَ بخير

عــزيــزي جــواز الـسـفر..

ماذا أقول لك عن العرب يا جاري وخاصة الرؤساء ...؟

إنهم قوم يصبرون على الأذى .. وكأنهم في صمتهم حكماء...

كلُ منهم يحسب نفسه فعل شيئا عظيما يُسجل في التاريخ.. ولكنا بالحقيقة نخجل منهم كونهم حكمائنا ورؤسائنا..

يقول شاعرنا الغالي مظفر النواب في قصيدته قـمم قـمم:
يا قمة الأزياء
سُوّدت وجوهكم
من قمةٍ.
ما أقبح الكروش من أمامكم
وأقبح الكروش من ورائكم
ومن يشابه كرشه فما ظَلَمْ.
قممْ.. قممْ.. قممْ
معزى على غنم
مضرطةٌ لها نغمْ
لتنعقد القمة
لا تنعقد القمةُ
لا. تنعقدُ القمة
أيْ تُفو على أول من فيها
إلى آخر من فيها
من الملوك.. والشيوخ.. والخَدَم…

ستون عاما يعقدون القمم... ولا جدوى من هذه القمم .. وكما قلت "أجدى بها ان تسمى قعرا لا قمة"

الرؤساء العرب اليوم ما عاد يهمهم من الدنيا شيء غير كراسيهم الذهبية..ما عاد يهمهم وطن.. ما عاد يهمهم شعب .. وما عاد يهمهم أخ قُتل ..
إنهم يحلمون بالمال والعشيقة..وآخر يحلم بالقصر الذي سيسكنه بعدما ملّ من قصره الحالي..
رؤساء اليوم متربصين بكراسيهم وغارقين في سبات عميق.. وهم لا يدركون خطورة هذا السبات إلا عندما يلامس الخطر كراسيهم..يستيقظون كالمجانين يدافعون عن الكرسي العزيز.. وكأن الكرسي زوجته.. وهو حقا زوجتهم لأنهم يقضون معه وقتا أطول مما يقضون مع زوجاتهم البشرية..!
واقع مرير..
قال أحدهم:
ثلاث رؤساء عرب راكبين بالطيارة قال الأول: أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي أسبوع قال الثاني:أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي شهر قال الثالث:أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي سنة فقال لهم الطيار: أنا إذا رميتكم من الطيارة بيهتفلي الشعب العربي طول العمر..
هذه نكتة..لكنها حقيقة!
شكرا لك أخي جواز السفر على الموضوع..دام قلمك النابض..ودمــت لنا أيها الصديق.

الصديقة نور:
فعلا لقد أخطأت عندما قلت ان حال العرب اليوم كحالهم ايام الجاهلية، فعلى الاقل في الجاهلية، كان العرب يمتلكون النخوة والشجاعة والكرامة، ويرتضون ان يفنوا عن بكرة ابيهم على ان تمتهن كرامتهم، أما اليوم فالحال لا يحتاج لايضاح.
كنت وما زلت أقول ان هوجو شافيز هو افضل زعيم عربي، لقد استجدينا الحكام العرب ان يقفوا يوما موقفا مشرفا من اسرائيل، فيطردوا سفيرها في الاردن او مصر، فلم يفعلوا، أما شافير ففعل ذلك دون ان يطلب منه احد، لانه راى ظلما، ولانه رجل حر، أما الزعماء الذين ابتلانا الله بهم، فقد ابتلاهم بذل لا يمحي او يزول، وضربت عليهم الذلة والمسكنة.

الصديقة رناد:
صدق مظفر، رؤساؤنا اليوم باعو دينهم واخرتهم بدنياهم، فما عساهم ان يفعلوا، هل يقفوا موقفا مشرفا فيخسروا كراسيهم، ويخرجوا لا دنيا ولا اخرة؟! والله ما أظنهم فاعلين
المشكلة الكبرى بنظري، ان خلاف الزعماء انتشر بين الشعوب، فنرى ان الشعوب العربية تكره بعضها بعضا، بل وازداد الامر سوءا فدب الخلاف والكراهية بين ابناء الشعب الواحد، فنرى ابناء مدينة يكرهون اهل مدينة اخرى، او ابناء القرية يكرهون ابناء المدينة، او ابناء طائفة يكرهون ابناء طائفة اخرى. بمعنى ان وحدة الدولة العربية الواحدة اصبحت مهددة.
بنظري ان الرابطة العربية لوحدها اضعف من ان تشكل دولة واحدة، ولو ترك الامر لحاله، لتفككت دول عربية الى اجزاء.

شكرا لكم على الردود

صدقــت يا أخي بكل كلمة قلتها...
أفضل الصمت بدل لعن وشتم الحكام العرب ...
لا تــعــلــيــق...

» يا شباب العرب هيا - شعر : عطا سليمان رموني
» قصيدة حلم حكامنا العرب ...من تأليفي
» جرد يراعك واكتب ياسر العرب / الحاج لطفي الياسيني