محاولات فاشلة

موضوع: محاولات فاشلة الإثنين يونيو 08, 2009 4:10 pm

أحاول أن أبقى وأستمر
و أن أبني لي وطناً مستعاراً
و أن أرسم لوحة مخفية
لا تبصرها عيون الموت

أحاول أن أبقى معاً
لوحدي أو معي
فكلنا مثلي
لا نملك إلا أن نحاول
أو ننتهي

أحاول أن أفرح لفرحي
و أن أبتسم لابتسامتي
فالفرح في بلادي محاولة
والموت في بلادي رياضة يومية

أحاول أن أستثمر ثروتي في شيء مفيد
فأبني مستشفى للأطفال
تعالجهم من الشيخوخة المبكرة
وتجري عمليات التجميل على شفاههم
لترسم الأبتسامة

أحاول أن أشتري مدفعا لا يطلق القذائف
وطائرة ترسم قوس قزح ملوناً
ولا ينهمر منها موت اصفر
كلما خط رضيع خطواته الاولى على طريق الحياة

أحاول أن أخرج صباحا من بيتي
حاملا حقيبة مملوءة بالثقة
فأثق أنني سأعود لبيتي في المساء
وأثق أنني سأقابل السعادة في طريقي
وأثق أنني سأحقق النجاح
أحاول ولكني لا أملك في بيتي حقيبة
سوى حقيبة السفر

احاول أن أرتكز على ذكرياتي الاليمة
واصنع لنفسي ذكريات اقل ألماً
فقد علمتني الحياة أن لا أتوقع الكثير
وأن أرضى بأقل الخسائر

احاول أن أجد محلولاً سحرياً
أنثره على رؤوس الأخوة
فتعود إليهم فطرة الله
ويحب أحدهم لأخيه
ما يحب لنفسه

أحاول أن أكون بلا رأي
فالرأي في بلدي مدعاة للهلاك
والرأي في بلدي أن ترفع السلاح في وجه أخيك
فيموت أو تموت
وفي كلتا الحالتين
يموت الوطن

أحاول أن لا أبكي
وأن اظل طاهراً
فلا تدنسني المعارك الخبيثة
ولا تهزمني هزائم الكرامة
ولا اندثر تحت رمال الإ نقسام

أحاول أن أحافظ على ما تبقى من تقاليدنا الأسطورية
فلا اسفك الدم المحرم
ولا اشرب الخمر في جماجم أبناء العائلة
ولا أقول أفٍ لأمي أو أم أخي

أحاول أن أحب
و أن أكون جديراً بالحب
واحاول أن أنبش الأرض
لا بحثا عن القبور
بل بحثا عن بذور قد تنبت زرعاً أخضراً
يوحي بالأمل

أحاول كل يومٍ أن أحاول
وأفشل في المحاولة
ولكني قطعت على نفسي عهدا
أن ابقى وأستمر
فلن تتوقف محاولاتي
قبل أن يتوقف قلبي عن محاولة الحياة

جواز سفر
8/6/2009

أحاول أن أقتبس "مقطع" أعجبني ولكني بعد كل فكرة وبعد كل بيت أجدني أعجب به أكثر من قبله.. فقررت أن أقتبس كل القصيدة!
كتبتَ القصيدة فكَتَبَتكَ وكَتَبَتْ خوالج نفسك وما يعتريها من غضب وثورة.. من فقدان أمل ربما على هذه الأمة الحزينة, أمة تنظر الى المرآة كل صباح, فترى العجز والوهن والشحوب, وتحاول أن تستمد بسمة أمل.

جاري جواز سفر:
لن تصدق كم اعجبتني القصيدة, بسلسلة أفكارك المتألقة والأنيقة والمرتبة, كأنها هذه القصيدة قد سرّحت شعرها جيّدا وطلت أظافرها جيدا ووتأنقت وتألقت وتعطرت وخرجت الى النور بهذا الجمال الغير اعتيادي و"النادر" ربما.

محاولاتك بالفرح, بالتبسم, بالأمل, بالحب, بالبقاء.. ربما ستكون محاولات فاشلة, فقد تعودنا الفشل والاحباط.. حتى اننا قد عودنا انفسنا على الفشل وعلى عدم المحاولة احيانا حتى!
ولكن الاصرار بنهايتها أعجبني وشدّني كثيرا, فقلبك لن يتوقف عن الحياة ما دام ينبض, وبهذا , ستنجح محاولاتنا!

ضميري يؤنبني فلم أفيك حقك أو لم أف حق القصيدة.. رائعة حقا!
دُمتَ متألقا!!

أخــي العزيز جواز سفر:
جئتك متأخرة بسبب انشغالــي . فاعذرني !

"والموت في بلادي رياضة يومية"
استوقفتني هذه الجملة, نـعـم الموت رياضة كُتب لنا أن نمارسها يوميا دون إرادتنا !

"وتجري عمليات التجميل على شفاههم لترسم الابتسامة"
الابتسام في بلادي هواية لدى الجميع, وفي الواقع الهاوي رغم كل الصعاب لا يتوقف عن ممارسة هوايته, ونحن كذلك مهما حصل ومهما واجهنا صعوبات لن نتوقف عن الابتسام لأنه من أهم هواياتنا..

"أحاول ولكني لا أملك في بيت يحقيبة سوى حقيبة السفر"
جميعنا لا نملك سوى حقائب السفر !! أمر مؤلم لكنه حقيقة !
ومن لا يملك حقيبة وجواز سفر على هذه الأرض لن يستطع مواصلة الحياة بسهولة وخاصة في هذه البقعة من الأرض !!

"فقد علمتني الحياة أن لا أتوقع الكثير وأن أرضى بأقل الخسائر"
لــكــن لا تنسى يا أخي أنه في كثير من الأحيان خسارة معركة تعلمك كيف تربح الحرب !!

رائع نصك أيها العزيز يا نبع معطاء لا ينضب ! قد بلغ إعجابي بنصك مبلغه, ولا أكذبك أن أثناء قراءتي لنصك شعرت أنني أقرأ درسا في نصوص الفلسفة وكأنك تضرب الرؤية الساخرة للمتضادات ، قلبك يرينا في الأشياء نقيض ما نراه فيها لأول وهلة ... جمــيـــل جــدا...
لامست تمردك على الواقع يا أخي في هذه الخاطرة ولا أعلم لماذا خُيّل إلي انك تقول بصوت مجلجل " سأمشي وسط السائرين ولن أقف مراقبا موكب العابرين أمامي" , ولن تقف في طابور الانتظار حتى يأتي دورك في ممارسة رياضة الموت اليومية , بل ستركض وستحلق حتى تبلغ الأوج وتحقق أربك وهدفك ,أهنئك على روحك الآملة وأيقنت أن بين خيالك وإدراكك للواقع يقف الأمل والتفاؤل !
نــصــك اشراقة شمس تطل علينا مبتسمة تغمرنا أملا وسعادة وغبطة !
شــكــرا لك كثيرا وكما قالت العزيزة نور " ضميري يؤنبني فلم أفيك حقك أو لم أف حق القصيدة.. رائعةحقا!" تستحق أكثر من هذا وذلك , استمر هكذا كما عهدتك أيها الجار .
دُمــتَ.

العزيزات نور ورناد:

شكرا جزيلا على الاطراء، وممتن لأن النص حاز إعجابكم

حقيقة أن ما كتب هذا النص، هو مزيج الأسى و الأمل، وهو إحساس بالحيرة، الحيرة مما يجري، والحيرة مما سيجري، والأمل بالأفضل.

مؤسف جدا أننا لا نملك إلا حقائب السفر، فهي كناية عن عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار هو ضد الثقة، فلا شيء في حياتنا مضمون، ولا حقائب للثقة نملكها، فقط حقائب السفر المعدة والمجهزة لاي طاريء، أو أي نكبة جديدة.

الموت في بلادنا رياضة يومية، والفرح محاولات خجولة، والأطفال نسوا طريقة التبسم، فأصبحوا في حاجة لعملية تجميل!

أسفي على شعبي الذي أصبح عدو نفسه، فكل أخ عدو لأخيه، وكأنهم نسوا ما قاله خير الأنام عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

مرة أخرى أشكركم وأدعو لكم بالتوفيق