هواجس تنتابني، وتساؤلات تحيرني
فقد مرت سنون طوالا مذ اخر مرة زرت فيها بلدي! غريب أمر هذه الحياة، فمنذ متى يقال لصاحب الدار زائراً!!
أتساءل بعد كل هذه السنين، هل ما زالت الطريق الى الدار كعهدي بها؟
هل ما زالت تلك الطرقة غير المعبدة كما كانت، ملتوية ، تتناثر الحشائش على اطرافها، وتغزوها الازهار في الربيع، وتظللها شجرتين من اللوز والعناب؟!
هل ما زالت تلك الشجرة في مكانها؟ ام تكون قد ماتت؟ او تكون قتلت بفعل فاعل؟
هل ما زال اخي الصغير طفلا؟! ام يا تراه قد كبر وخط شاربه؟ هل يحلق لحيته ام لم يصل بعد الى هذا الحد؟!
هل زادت التجاعيد في وجه امي ويديها؟ اما زالت تحتفظ بتلك الابتسامة الحنونة؟ ام ان خطوب الدهر قد انستها التبسم؟
هل ما زال النسيم يحل ضيفا على منزلنا عند العصر؟ يغرينا لنتجمع سوية ونشرب الشاي الممزوج بالنكات والضحكات؟
ام ان بناية جديدة قد سدت اخر منفذ يمكن للنسيم ان يتسلل منه؟
هل ما زالت الطرق تعج بحواجز المستعمر؟ هل يسمحون بالمرور لمن هم دون الستين؟ هل سيسمحون لي بزيارة بيتي واهلي؟ ام قد يكون لديهم راي اخر في المكان الذي يتوجب علي زيارته؟
هل ما زالت طولكرم حية؟ لطالما احسست بها تتنفس، بناياتها المبعثرة وشوارعها الملتوية، والاشجار التي تنبت في اماكن لا تناسبها، فيضيق بها المكان وتتشابك اغصانها باسلاك الكهرباء تارة، او ترتطم بالجدران تارة اخرى، ولكنها تصر على المضي قدما والنمو!!
لطالما احسست ان المدينة حية بعشوائيتها تلك، وكأنها في كل بيت تنبض، وفي كل شجرة تبتسم، وكأنها بتلك العشوائية قد رسمت بسمة كبيرة على ثغر الكرة الارضية
هل ما زالت طولكرم؟ ام انها قد زالت؟!
ثمانية ايام تفصلني عن الاجابات، ثمانية ايام لا اطيق لها صبرا، فالشوق يزداد كلما اقترب اللقاء
سبعة ايام وأكون في البلاد التي اختنق فيها- في الاردن- وفي اليوم التالي اكون في البلاد التي يحييني هواؤها
وكل شيء بمشيئة الله