الــــــحـــــرب

الحرب
عثر في جيب سترة الجندي المخضبة بالدم على صورة عائلية.
بدت المرأة في الصورة غاية في السعادة، وكان هناك رجل تشبه ملامحه ملامح الجندي القتيل يضم المرأة بذراع واحدة، فيما جلس الطفل بينهما، وطوقته المرأة بكلتا ذراعيها، فتذكر حلمه الدائم أن يكون لهما طفل.
كانت السترة مبقعة بالثقوب الحمراء، وأيقن أن رصاصته الأولى كانت كافية لإنهاء حياة الجندي هل يقدر له أن يلتقي بهذه المرأة ذات يوم؟"
تطلع الى جثة الجندي، كان الوجه مائلاً الى أسفل، والذقن مغروسة بقسوة في الصدر، في حين تدلى خيطان غليظ من الدم الذي ما يزال طريّاً من زاويتي الفم.
وكانت اليد اليمنى ما تزال قابضة على السلاح، في حين تراخت الذراع اليسرى، فلمست الأصابع التراب بنعومة.
وفي اللحظة التي أعاد فيها الصورة الى جيب سترة الجندي القتيل، اندلعت نيران الأسلحة في غضب جامح.
هب واقفاً متأهباً لإطلاق الرصاص. ففوجئ بجندي آخر أمامه تماماً..وبدا كما لو أن الجندي الآخر قد فوجئ برؤيته، وقبل أن تلمس إصبعه الزناد داهمته الصورة التي دسها قبل ثوان في جيب سترة الجندي القتيل.
راح يحدق في الجندي الآخر، وأطال التحديق. لكن الجندي الآخر لم يمهله أكثر من ذلك.


زين العابدين الحسيني/فلسطين