نثر موزون , وشهر منثور في حديث الكساء ووحدة الامة - تميم البرغوثي
حديثُ كساءِ النبي الذي سوق اكتب عنه حديثٌ عن الوحدة العربية والعافية
وسأبدأ قولي بنثر أضيف له الوزن والقافية
ومن بعده سوف أنشدُ شعراً بلا حلية الوزن يحسبه النقاد , خطأً , أن ما فيه من صورِ , حليةٌ كافية
وبعدهما سأوحدُ بينهما , حيث أن القصيدة عن وحدة الناس في وطني ولأني أرى وحدة المذهبين على مذهبي اللغة عالية:
حديثُ الكساء حديث قصير مُؤداهُ ان النبي دعا حسناً وحسيناً وفاطمةً وعلياً وضمَّ عليهم كساءً من الشعر ثم دعا الله ان يذهب الرجزَ عنهم فأنزل ربكَ آية تطهيرهم , هكذا وردت في مراجع أهل الحديث من الفرقتين.
حديث الكساء حديثُ جميلُ ولست أبالي إذا أختلف الناس من بعد ذلك في الأثر الطائفي لذكري له
بل وإني لمن أجمل هذا خصوصا ذكرت الحديث . لقد نظر الناس في أثر الضم هل فيه رمز لعصمة من كان تحت الكساء أن القصد تكريمهم دون توصية بالامامة بعد الرسول . ولكن أنا , ولأني من الشعراء , ولستُ من الفقهاء , ولا أبتغي أن أحول هذي القصيدة درساً بعلم الأصول , أقول , وأجري على الله فيما أقول , باني سأُدخِلُ فيه اللذين أبوا أن يَذلُّوا لغازٍ أتاهمْ, وأُخرِجُ منه الذين على العكس منهم أباحوا لِحاهم , فمن رد كيد اليهود عن المسلمين بِلُبنان عندي سيدخل تحت الكساء , ومن رد كيد التحالف عن شارع في العراق سيدخُل تحت الكساء , وإن كان هذا على مذهبٍ لا يوافقُ ذاك فإني أرى تلك موعظةً لو تفكر أهل العقول , وهذا خلاصة نثري , فإن تُرد الآن ان تسمعَ الشعر فاسمعْ:
***
أقولْ :
دخانٌ كثيفٌ يُوزَن بالاطنانْ
يعبُر الخرائط
إن ترفع يدك لا تراها
والناس يصدم بعضهم بعضا كسيارات الملاهي
فإن تتبعتَ الدخان الى مصدره
وصلت الى غيلونِ القيصرْ
شبكةٌ من النور
تُلقى لتنتشلهم
يسقطون من خلالها واحدا تلو الآخر
فتعود الى ربها
كَيَدِ طفلٍ يحاولُ نقل البحر بأصابعه الى دلوه الصغير
كتبُ النحوِ , والفلسفةِ , والرياضياتْ
تتبرعُ لجدران المساجد
كلٌ بسطر أو أثنين ,
تتصلُ السطورُ وتتلوى في تكوينات نباتيةٍ
متشابكة على المحراب
المحرابُ ينمو الى ان تحتكر فروع نباتاتهِ
وتوزيعَ الشمس والظلِّ
بين محيطين وسبعة أبحر
ثم لا يلبثُ ان يجد المحرابُ من ينسفُه
قبابٌ تشتعلْ ,
المصلونَ أكثر الناس حرصا على إحراق المساجدْ
والكفارُ أكثر الناس حرصا على المشاهدة والترميم
أو على الترميمِ أولاً , أي قبل الحريق
تجتمع الكتب سراً , وتتبرع , مرى أخرى
كلٌ بسطر أو اثنينْ
وتتصل السطور لتصبح ساق نبات طويلْ
يلتفُّ على الركام , ويحاولُ
عاجزاً , أن يُزهرْ
تستمرُّ القبابُ في الاشتعال
والكتب في التبرع .
بعد فترة ,
أصبحت القباب تشتغل ذاتيا
يعني من غيظها,
أما الكتبُ ,
فأصبحت من كثرة ما تبرعت
بيضاء تماما
ومن أبيضت كتبه
أبيضت راياتهُ
ساعتان رمليتان
كل واحدة تتهم الاخرى بأنها مقلوبة
وتدعوها أن تعتدل مثلها
ويدٌ واضحةٌ جدا
تقلبهما في نفس اللحظة
ومن موقعيهما الجديدين
تستمرُّ كل واحد منهما في اتهام الاخرى
والرمل داخل الزجاج
صحراء العرب بمن فيها
أربعة جيوش من ورق اللعب
جيشان احمران وجيشان اسودان
تظهر المذيعة في نشرة الاخبار
يتقاتل الاسودان والاحمران
المذيعة تذكر خلط الاوراق
يتحالف كل جيش اسود مع نظير احمر
المذيعة مرة اخرى
تنقسم كل ورقة الى لونين,
نصفها الأعلى أحمر
والأسفل أسود ,
أو العكس ,
تزداد العداوة كلما اقترب الخصم خصمه
فما ظنك بالخصمين وقد أصبحا متجاورين
في ورقة واحدة
تصاب الاوراق بالفصام
فتقطع كل ورقة نفسها من الوسط
نهاية النشرة
سلة المهملات
على هامش الصورة
جموع المشجعين
يضرب بعضهم بعضا بالاحذية
شيوخ الدين ,
يبنون مساجد في الفضاء الخارجي
شيوخ السياسة ,
يحملون الكراسي على رؤوسهم
كآلهة المصرين القدامى
شيوخ الكلام,
والكلام أمر عظيم ,
مشغولون بقصيدة النثر ,
والكبت الجنسي والاكتئاب
وأنا
أحاول ان اكمل هذه القصيدة
***
يا كساء النبي استمعْ
يا علي المقام
أنتَ أكرم ما في مخيمنا من خيام
فليُقم فيكَ مستوصف , إن تيسر
ياوي اليه ضعاف الأنام
يا كساء النبي و وبرج الحمام
يا شريطا من النور ضُمَّ على باقة من كرام
يا شبيه السماء القريب وصبح المعاني
ويا رحمة الله منسوجة في خياطة بُردٍ يماني
وتذكرة بالزمان العفي
يا كساء النبي
يا كساء النبي ارتفع راية عالية
لبني الجارية
للذين إذا تُركوا في المنافي وشقر المواني
فلا ماء يخرج من تحت أقدامهم
لا ولا وفد يأتي اليهم
وغن أخذوا ليضحي بهم
لا فداء لهم يتنزل من جنة ما
ولا بيت تعلو قواعده فوقهم
فيجيئ الحجيج اليهم بفاكهة الاربع النائية
يا كساء النبي ارتفع راية عالية
لبني الجارية
يا كساء النبي وجمّع قبائلهم ,
خفف الموت عنهم قليلا , وغربتهم
فلقد أصبحوا في البلاء سواء
وباتوا ولا فرق بين المقيمة والجالية
يا كساء النبي ارتفع راية عالية
لبني الجارية
قم واعطهمو الدرع والسيف والرمح ,
واتل عليهم من الذكر شيئا
وصل الجماعة فيهم
وقل حاربوا كل باغ قوي
يا كساء النبي
يا كساء النبي اجتمع
كالضمادات ضمت الى جرحها بُرءها
والشباك إذا انتشلت ملئها
والامومة في ضمة الصدر
تنشر حتى النجوم السما دفئها
يا كساء النبي اجتمع
فاذا ما اجتمعت استع
للزهور ومن لا يحب الزهور ولا يشتهيها
اتسع للولاة ومن لا يليها
اتسع للحقيقة والشك فيها
اتسع للسهول استع للجبال
اتسع للنساء استع للرجال
اتسع للعجوز استع للرضيع
يا كساء النبي اتسع للجميع
وصلى عليك البصير السميع
يا كساء النبي.
تميم البرغوثي