إلى صديق في الظل / بريشتي

إلى صديق في الظل

قف حيث ينتحر الضياء وناده *** سيعود من أقصى البعيد فقيدُ

من آخر النفق الطويل كنقطة *** ويظل نحوك إذ تراه يزيدُ

لتفيق من حزنٍ عليك ببسمةٍ *** حاول ، فصمت الليل فيك جليدُ

ها فيك روح الله شمعة ساهرٍ *** ها فيك للأموات صرخة "عودوا"

ولتبدُ من تحت الرماد كطائرٍ *** فمدينة الشمس الغداة ورودُ

ماذا ترى في الظل غير بياضه *** فإلى متى والله عنك بعيدُ

عبيءْ جرار الحلم تمتلك المدى *** واجمح فخلف الأفق ثم خلودُ

من وحشةِ الأيام يومٌ ثائرٌ *** من ألف عاشوراءَ يورق عيدُ

ليست حدوداً أن تحاط بأربعٍ *** جدران يأسك تلك تلك حدودُ

لا تتقن المرآة رسم وجوهنا *** ما كل ما تبدي الرؤى موجودُ

حتام في سرداب حزنك تحتبي *** تحسو ظلاماً أنت فيه وحيدُ

فاترك لأقبية السكون سكونها *** لست الذي صمت الصخور تجيدُ

قل للحياة إن استقمتِ فإنما *** بيدي و"هذا ما لديّ عتيدُ"

واصرخ بموتك ما بدأتُ لأنتهي *** عندي حروفٌ ما لهنّ عديدُ

إلياذتي فيها من الأسرار ما *** لو تجتلى امتلأت بهنّ البيدُ

الشعر غابات الخيالِ وصورةٌ *** للحلم داخلنا إليه تقودُ

أوَما كفاك ؟ أعدْ لبعضك بعضه *** وليبقَ ملتجأ الحياة وريدُ

واتركْ ترانيم المساءِ لصبحه *** الصبح لحنٌ دافيءٌ ونشيدُ

تعويذة الأحزان تفقد سحرها *** إن قلت يا ربَّ السماء أريدُ

لا تأسَ فالماضي شراعٌ قد مضى *** في اللا إياب تظن أن سيحيدُ

لن يحمد الزمنُ القديمُ رجوعه *** ونوافذ الآتي إليك لحودُ

يا صاحبي مدن الظلال كئيبةٌ *** وجليسُ وحدته بها مرصودُ

فانظر بصفوك ، ما الهوى قارورةٌ *** كُسرتْ ففرت كالحمام عهودُ

ما ضاعتِ امرأة أمامك غيرها *** سترى بأخرى ما فقدتَ يعودُ

كلُّ النساء لهن لونٌ واحدٌ *** لكن عيون العاشقين تزيدُ

فكن ابن يومك لا ابن أمسك وابتسم *** أحزانك الأولى مدىً مسدودُ

هيا فلا تبقى النجوم حزينة *** إن مات نجمٌ فالسماءُ ولودُ

أمواكب الحلم انتهت؟ بك تلتقي *** أمراكب الشمس اختفت؟ ستعودُ

قد لا يعيش المرء لحظة حزنه *** إلا ليعرج والنجوم سجودُ

من نار حزنك ما يكون مشاعلاً *** من خلف أمسك قد يطل جديدُ

عبد الحفيظ العوامي