بسم الله الرحمن الرحيم
التفرقة فخ اعتدنا الوقوع به ،سلاح لم يغيروه منذ قرون ولن يغيروه طالما اعتدنا لا بل أصبح البعض منا يستلذ الوقوع فيه ويبدع في ذلك ...لا يدرك راكب المركب أنه
إذا أحدث خرق في السفينة ، فلن يغرق خصمه ..بل ستغرق السفينة ...وكلن من مكفوفي الطرفين يمسك ازميله يضرب سفينتنا ..ويفعل ذلك بحماس شديد ..يا إخلاص بالعمل ...نسينا حديث نبينا لا يجتمع على أمتي سيفان سيف من داخلها وسيف من خارجها ...نسو أن لا نهضة وحضارة ولا تقدم حصل لأمة ما على مر التاريخ إلا بعد أن عالجت تناقضاتها الداخلية ووضعتها في مكانها ..إلا بعد أن ثبت قوة ومتانة نسيج مجتمعها الداخلي ...
السني شيعي موضوع يطرح في معظم صلاة الحوار على إمتداد عالمنا العربي والاسلامي ...لماذا الأن ؟
بعض العوام إلى الأمس القريب لم يكن يفرق بين الشيعي والشيوعي ....هذا على مستوى العوام ..أما النخب العامة فهي اليوم تخوض وتحلل وتخرج في الملة وتدخل وتفصل نفسها عن كل شيء ...حتى وصلنا إلى جو فكري عام مريض يصنف بال تحليل السنة كفرقة ...وهذا بحد ذاته جريمة بحق الامة ...لأنهم تاريخياً هم الوعاء الكبير الذي يحتضن كل الاقليات الفكرية الاسلامية الأخرى ...ف كيف لنا أن أن نقبل بأن نعلي المذهب على ال أصل ..كيف لنا أن نقبل بأن نكون سنة مسلمون ..بحيث اننا مسلمون فقط والمذهب أمر إختياري يحق لل مسلم شرعاً أن لا يتبع أياً من المذاهب الإسلامية الخمسة ...ناهيك عن أن المذاهب وجدت عن طريق أراء مؤسسيها الخاصة واجتهاداتهم في تفسير القرآن والسنة ..بهدف التوضيح والتسهيل ل تصب في تنظيم علاقة الفرد العام غير العالم مع خالقه ..
ولكن لا تكاد ترى الحالة الاسلامية تصعد وتحقق نتائج حتى يوجه إليها سلاح التفرقة والتقوقع للحد من نتائجها وتقويضها ..وعبر التاريخ لم يكسر أنياب الامة إلا حالة التجزئة والتفرقة ...لنجد أن تشرخ مجتمعاتنا في وقتنا الحالي وصل إلى مرحلته المدمرة على مستوى الامة فنجد جهة معينة مستفيدة تغذي التناقضات الداخلية في كل بلد عربي وفقاً لقابليته ..فنجد الخلافات بين العرب وال أمازيغ تأخذ مجدها ..ونكتشف أن الصراع والتناقض الداخلي في الأردن بين الفلسطيني أردني يبلغ حد أعمق وأخطر بكثير من التناقض السني شيعي في بلدان أخرى... ويمثل العراق أفضل مثل على هذا الموضوع حيث أنه في وسط العراق وجنوبه جميع الناس من اثنية واحدة ولكن مذهبية مختلفة نجد أن التركيز في الجنوب وال وسط يكون على المذهبية ف الغرب يعمل على إقناع الناس هناك أن الدنيا مقسومة قسمين سني وشيعي ..يتم العمل على تغذية هذه التناقضات المذهبية بينما الشمال العراقي هو على مذهب واحد (سنة ) لكن في الشمال يتم تغذية التناقض الاثني ف ينقسم الناس إلى عربي وكردي تركماني ..وبالتالي يتم العمل على تضخيم هذه التناقضات ...على كل حال التناقض المذهبي هو موضوعنا ...
وفي نظرة إلى الوراء ..
نجد أن الحملات الصليبية ونتائجها المدمرة على الامة جاءت في أشد أوقات ضعف الأروبيين وتشرذمهم ..ورغم ذلك سلبونا قدسنا ...وبالعودة إلى التاريخ أيضاً نجد أنه لا وجود لصراع سني شيعي أثناء الوجود الصليبي على ارضنا ..فمن أين تأتي الدعوات الحمقاء الحالية بتصفية حسابات داخلية إسلامية وقلب عالمنا الإسلامي وأقدس مقدساتنا مغتصب ...
بالعودة إلى التاريخ ...ومن خلال إجراء مقارنة تاريخية منصفة ...نجد ماهو أخطر من ذلك ...فأثناء الحقبة الصليبية نجد أن والي حلب السني مثلاً (إبن تتش ) كانت له صولاته وجولاته في التطبيع مع الصليبيين ووالي دمشق السني أيضاً خان وأمته وطبع مع الكيان الصليبي في ذلك الوقت لا بل أكثر من هذا وصلت به الخيانة إلى أن يخوض معارك عديدة إلى جانب الصليبيين في وجه كل قوة الممانعة في ذلك الوقت ..حتى أنه وقف في وجه
عماد الدين زنكي وحاربه ...وخليفة الدولة الفاطمية الشيعي سلم القدس بطريقة مريبة للصليبيين فخان أمته وشعبه أيضاً وكان مسالماً ودوداً مع الأروبيين طيلة فترة احتلالهم للمقدس ...
في واقع الأمر لدينا شواهد معاصرة على نماذج الخيانة من أتباع المذهبين ...فالملك حسين السني خان أمته وسرب للإسرائيليين معلومات خطيرة عن حرب أكتوبر وعن نية الأطراف العربية بشن الحرب ..وفي المقابل فكلنا يعرف تحالفات الشاه الشيعي ودعمه للإمبريالية وإسرائيل ..وكيف ننسى تركيا الحبيبة ففي الماضي القريب كان لها حلفها الإستراتيجي مع إسرائيل ..فبأبسط الأمور كان طيارو العدو يتدربون في الأجواء التركية على قتلنا ...والتعاون الاستخباري والأمني مع هذا الكيان الغاصب لا بل التنسيق معه على كل المستويات ...
في الخلاصة يمكننا القول أن الخيانة غير منتمية إلى مذهب من المذاهب الخمسة ..
في العودة للحقبة الصليبية ذاتها ..سجل إبن عامر الشيعي في إمارة طرابلس (لبنان حالياً ) صموداً أسطورياً في وجه المد الصليبي وطرابلس في ذلك الوقت كانت ذات أغلبية شيعية ...ولكن كان عندهم مستوى من الشموخ والعنفوان منعهم من الإنكسار..ونضالهم جعل طرابلس تصمد لعقد من الزمن تقريباً في حين أن أحصن المدن والقلاع كانت تسقط في غضون أيام ... يذكر أن ولي طرابلس إستنجد بكل أمراء المنطقة في ذلك الوقت .. طبعاً والي حلب ووالي الشام لم ينجدوه ..وقد يكون الأخيران اقنعا شعبهم أن إبن عامر لا يستحق المساندة ولا النجدة لأنه شيعي ..في حين أن شرف الأمة في ذلك الوقت إبن سقمان أعد جيشه وخرج على رأسه لنصرة أخوه الشيعي والي طرابلس ..
هل يستحق والي الشام أو حلب النصرة والولاء لأنه سني ؟؟!!!وقد خان ونكث وهان ..؟!!
وهل من الحق أن نخذل والي طرابلس لأنه شيعي ؟؟!! وقد ناضل وقاتل وصمد ؟!!
من هنا نقول أن العنفوان و- العزة وحمل قضايا الأمة أيضاً ليس حكراً على أتباع أي مذهب من المذاهب الخمسة ..
ف في هذه الحالة يمكننا أخذ معادلة حديث الكساء عن رسولنا ال أكرم بغض النظر عن خلاف المذاهب في تفسير الحديث لكن وفق نظرية البرغوثي أن من يحمي المسلمين في العراق وفلسطين ولبنان و- يرد عنهم ..فلنرحب به تحت الكساء ومن وضع شرف أمته في سرير أعدائها فلنخرجه من تحت الكساء ..
لا ينكر عاقل حجم الأخطار الخارجية التي تهدد الأمة ، وكلنا نعرف أعداؤنا وخصومنا واحجامهم ..فإذا أذلنا الصليبيون وهم في أشد أوقاتهم ضعفاً وتشرذماً ..فما بالنا اليوم والأعداء هم قوة عالمية عملاقة ..وجيوش ضخمة ..وعالم يراد حكمه بقطب واحد أوحد شديد التنظيم يدعو لل عقل إلهاً له ودهاؤه غريب ...ونظام رسمي عربي يسبح بحمد هذا القطب الأوحد ...واقعٌ مرير ، أن موقع امتنا بين الامم ؟؟!!!
أن العمل للنهوض بامتنا إلى صدارة الأمم وما جدوى الغرق في الداخل والنزاعات الداخلية في إعادة ترتيب مكانات الأمم ..وكيف يمكن لهدر الوقت والامكانات على الداخل أن يشفي جرح امتنا النازف فلسطين؟؟؟؟
لا ينكر عاقل وجود التناقض السني الشيعي لا بل لا ينكر عاقل التناقضات الداخلية في أي أمة على وجه المعمورة بل على مر التاريخ ..ف التناقضات الداخلية أمر موجود وطبيعي في كل الأمم ..لكن من غير الطبيعي أن نأخذ هذه التناقضات الداخلية ونضخمها لدرجة أن تحل مكان التناقض الرئيسي و الخارجي لل أمة ...