حَــمْــدَاً لِلّهُ - بقــلــم رنــاد

حَــمْــدَاً لِلّهُ

عندما أنتعل حذائي وأذهب الى المحطة مشياً على الأقدام , أحمدُ ربي ألف مرة لأن قدماي ما زالتا سليمتين , ولو نظرتُ حول العالم لرأيتُ أن ثمة أناس إما بُترتْ قدماهم إما توقفت عن الحركة!

عندما أخرج لمشوار وأعود للبيت , أحمدُ ربي ألف مرة لأنني أملك بيت يأويني ويقيني من البرد , لكن هناك الكثير من الناس المشردين الذين لا يملكون مأوى ويقضون أيامهم بين الشوارع !

عندما أشمُ رائحة الطبخ الذي صنعته أمي, وتجتمع العائلة حول مائدة الطعام لنأكل, أحمدُ ربي ألف مرة لأنه أطعمنا من جوعٍ وأروى عطشنا, لكن هناك من يتمنى أن يشم رائحة الأكل أو يروي عطشه بكأس ماء!

عندما أستيقظُ على صوت أمي صباحا وأسمع صوت أبي وهو يُصّبح علي , أحمد ربي ألف مرة لأن أمي وأبي ما زالا موجودين , وما زالت تلك الأحضان الدافئة تضُمني , وما زال من يحميني ويساعدني وينفق علي الأموال لسعادتي وهنائي , أحمد ربي كثيرا على هذه النعمة لأنه يوجد غيري أبناء أيتام لا ينطقون كلمة "أمي" أو "أبي" , ولا يوجد من يحميهم ويوفر لهم الأمان والرعاية , ولا شك أنهم يحيون في فراغ مدقع يستبد على حياتهم!

عندما أمسكُ يراعي وأبدأ بنسج خاطرة أو قصيدة متواضعة وإن كانت غير جميلة إلا أنني أحمد ربي لأنه منحني موهبة الكتابة أو على الأقل لأنني أُتقن الكتابة والقراءة , لكن ثمة أناس لا يجيدون الكتابة والقراءة , وكم يعانون لأنهم أُميّن , لأن الحياة بلا علم كالحياة بلا ماء وهواء!

عندما يدقُ قلبي حينما أشعر بالخوف أو الفرح وأحس بنبضاته المتدفقة ترقص في صدري , أحمدُ ربي ألفا لأنه منحني الحياة حتى الآن , لكن هناك أناس يعيشون بواسطة أجهزة ومنهم من اعتزلت قلوبهم عن العمل وباتوا تحت التراب نائمين الى أجل غير مُسمى!

عندما أجتمع مع رفيقاتي في مكانٍ ما , أو أُكلم صديقتي العزيزة عما يُضايقني أو يُفرحني أحمد ربي كثيرا لأنني أملكُ صديقة تسمعني وتشاركني أفراحي وأتراحي , ولو ألقيتُ نظرة في هذه الدنيا لوجدتُ الكثير من الأشخاص لا يعرفون ما معنى الصداقة , ويقضون حياتهم وحيدين منعزلين عن العالم ولا يملكون من يشاركهم سرائهم وضرائهم!

عندما أُشاهد نشرة الأخبار في التلفاز, وأرى مناسبة سياسية مُفرحة لأحدى دول العالم , وأرى الشعب مُتجمهر في باحة يقفون وينشدون نشيدهم الوطني ويرفعون أعلام دولتهم في أعالي السماء ويكونون وحدة واحدة , أغضب , ويكون بودي لو أُكسر المرناة , لأن كل دول العالم مستقلة إلا نحن! لأن كل شعوب العالم لها وطن يقيمون عليه دولة, لهم عملة, علم, نشيد وطني, حدود ثابتة وحكومة خاصة بهم إلا نحن !
أغضب لأني أرى من خلال شاشة التلفاز كل يوم أبناء شعبي الشهداء, النساء الثكلى, الأطفال اليتامى, الوطن الجريح !
ترى الأناس المواطنين في أوطان مستقلة يقولون: " أحمد ربي ألف مرة حينما أختم جواز سفري عند عودتي للوطن لأن ثمة ناس ليس لديهم وطن يستقلون فيه"!!
لماذا كل أناس العالم يحمدون الله لأنه منحهم وطن يعيشون فيه, إلا نحن لنا وطن يعيش فينا؟!
لكن..
أحمدُ ربي على كل حال
حمداً لله..!

رنــاد
21/6/2009

حمدا لله على كل حال
على بساطة هذا التعبير، يحمل بين جوانحه الخلاص المنتظر، والتسليم الجميل، والطمأنينة المبتغاة

شكرا رناد على الموضوع الرائق، وبانتظار الابداع القادم

عزيزتي رناد:
احمد الله الف مرة لانه أعطانا نعمة العيش في أقدس الاراضي وأجمل الأوطان.. أحمده لأنه جعل المصائب تتساقط علينا كقطرات المطر الغزيرة.. إلا أنه يحفظ لشهدائنا الأبرار وأمهاتنا الثاكلات وأطفالنا وشبابنا.. مكانا في فردوسه الاعلى..

وأحمد الله أنه يوجد حتى الآن.. أناس.. يفكرون.. يمسكون بالقلم ويكتبون.. يخطون مشاعرهم.. يسمعوها للعالم..
ولا يزالوا يحمودن الله على نعمه وآلاءه رغم الذلّ والاحتلال والقهر والغضب الشديد..
أحمد الله أنك موجودة في حياتي يا رناد..

جميلة خاطرتك.. تمدني بالقوة والعزيمة والصبر. وذكر الله وحمده في كل وقت ومكان وزمان..
كتبت.. فخرجت من قلمكك حورية تسبّح وتحمد الله.. وتضفي على خاطرتك رونقا بهيا وجمالا رائعا...

دمتِ يا رناد..!

الصديقان العزيزان جواز سفر ونور:
أولا أشكر ردودكما الجميلة .
هذه الخاطرة أتت في بالي كنسيم من عبير الربيع المحمل بالهموم , أتتني في ساعة في الهزيع الأول من الليل فترجمتها على أوراقي , ونسجت مشاعري , وحمدت الله على كل شيء.
في آخر الخاطرة يحل حلمي الكبير , ذاك الحلم الذي لا أعلم متى يتحقق من بين أحلامي الكثيرة , والتي ربما بعضها لا يتحقق أبدا !!
لكـنـي أسأل الله أن يحقق لي هذا الحلم , وأن يتحرر الوطن من أيادي الأعداء.
شكرا لكما مجددا على المرور الذي أضفى على صفحاتي رونقا جعلها تبدو أجمل وأطيب , وأحمد لله لأني حظيت بكما كصديقين عزيزين يفهمان ما اريد دون الاسهاب بالكلام.
دُمتما

أشكرك على هذه الكلمات المحاكة بخيوط سحبت من نسيج قلبك و عطرت بأنفاس روحك ....
و نحمد الله على أن ميزنا بانتمائنا لهذه الأرض التي ليس لها مثيل و ان لم تكن كذلك لما تنافس الغزاة عليها عبر العصور ...
و احمدي الله على أن أتيحت لك فرصة " العيش" في وطنك حتى و ان كان محتلا ....
فثمة اخرون يعيشون في هذه الدنيا و أغلى أمنياتهم مجرد " زيارة " وطنهم و لا ينالون ....
و على أي حال فالنحمد الله أن لا زال فينا من يحمل في قلبه أرض الوطن و يحمل على أكتافه سماءه ... و يجعل من قلمه بندقية و من كلماته رصاصات في قلب المحتل ...

أجدد شكري لك و تقبلي مروري المتواضع .... Smile

عزيزتي ليلكة الجليل , مررت فعطرتِ صفحاتي برونق كلماتك الطيبة.
نحمد المولى على كل حال وإن كان الحال لا يرضينا , فهذا ما اراده الله , ولا اعتراض على ما اراد ذو الجلال والإكرام.
الشكر لك على مرور الأخّاذ الجميل , إبقي قريبة منا... ولا تهاجرينا..
دُمت بوّد

» خربــشــات عــشــوائــيــة *2* .. بقلم : رنــاد
» عـُدتُ للحيـاة - بقلم رنــاد
» درويش .. تشتت أفكاري.. - بقلم رنــاد
» بينَ ثلاثة قبورٍ -بقلم رنــاد
» خربــشــات عــشــوائــيــة .. بقلم : رنــاد