جواز سفر مبدع نشيط
نقاط التميز : +100 عدد المساهمات : 214 العمر : 41 الموقع : الامارات العمل/الترفيه : مهندس مدني نقاط : 5951 تاريخ التسجيل : 16/02/2009
| موضوع: الاردن والثورة و انا - الجزء الاول الأربعاء فبراير 25, 2009 8:13 pm | |
| الاردن والثورة وانا
زرت الاردن ثلاث مرات، ولكن لم امكث فيها اكثر من سبعة ايام بالمجموع، لم استطع ان اتنفس هواءها، عندما وقفت امام الشرطي الذي يدقق الجوازات على الجانب الاردني من معبر اللنبي، كنت بانتظار ان يهتف الناس لي وان أُعْلنَ بطلاً، بعد المعاناة التي نجوت منها باعجوبة في الجانب الاسرائيلي، او ربما من الاجدر ان نقول الوسط الاسرائيلي، ففعليا، هناك جانبان فلسطيني واردني ويتمركز الاسرائيليون بينهما، وكأنه " ساندويتش" سيء الطعم والرائحة، طردت فكرة الاحتفال المنتظر من راسي سريعا، ففعليا الجميع تجاوزوا ما اجتزته، حتى العجائز والاطفال، أو ربما كنا جميعا ابطالا بما فينا عجائزنا واطفالنا.
طالعت وجه الموظف، وجه حنطي يميل الى السمرة، ضعيف تبرز عظام وجنتيه، وقد خط شارب صغير نحيل فوق شفته العليا مباشرة، وكأنما لم يكتمل شاربه ليصل اسفل انفه، اشحت بوجهي عنه، وفي الحقيقة لم يرقني منظره، ولست اعترض على خلق الله، ولكن ما الضير لو رسم ابتسامة على وجهه المعتم!
" انظر الى الكاميرا" جذبني صوت الموظف من سيل افكاري، كانت هذه اول كلماته لي، حتى السلام الذي طرحته عليه عند وصولي الى الشباك، لم يرده علي، درت بنظري في زوايا الشباك بحثا عن الكاميرا، فوجدتها تتدلى من الزاوية اليمنى العلوية، ولونها ليلكي، اللون الليلكي هو لون الحرية، وهذه الكاميرا هي عار على الحرية، فهي تقبع على الحدود تدقق في هوية من يجتازها، بالقرب من اكبر كيان خطر على حرية الامة، وترسل بثها المباشر الى مقر المخابرات الاردنية.
لم تكن لي يوم اي مشكلة حقيقية مع المملكة الاردنية، حتى مذ كانت إمارة، وذلك كان سر دهشتي حين طالعني الموظف بنظرة جامدة ايضا وبلهجة تفهم منها ان المعلومة الي سيلقي بها اليك، ستكون الشي الوحيد الذي ستتلقاه منه، ولن يكون هناك مزيد من الشرح، "مطلوب للمخابرات"، ومع أني لم اتوقع اجابة، الا انني وجدت نفسي اساله بعفوية "لماذا؟"، وبالفعل لم أتلق اي اجابة.
عند المخابرات كانت اعصابي اكثر هدوءا فقد افادني جمع المنتظرين، ان هذا اجراء عشوائي روتيني متعارف عليه على الحدود الاردنية، الاسئلة التي سُئلتها كانت تافهة، لدرجة انني وجدت نفسي مرغما ان أجيب اجابات اتفه منها، حتى يرضى عني الشخص التافه الذي يوجه الي الاسئلة.
الناس تلهث، لا ادري لماذا راودني هذا الشعور وانا أطالع الوجوه في الشوارع وفي المحلات، سائقو التكاسي،الاطفال في الشارع، الباعة المتجولون، الجميع يلهث، الوجوه شاحبة، والعيون تنطق بصراحة "أنا ابحث عما في جيوبك"، كم هو محزن ان ترى شعبا بأكمله اذلته لقمة العيش الى الدرجة التي تصبح فيها اولى اولوياته، بل ربه المعبود.
اشتريت شيئا من أحد الباعة، فطلب خمسة قروش ثمنا له، فاعطيته ربع دينار، امسكه بيده واشاح بوجهه عني، كأنما انشغل بشيء اخر، او ربما ظن أني لا استطيع التفريق بعد بين القطع المعدنية للعملة الاردنية، والحقيقة ان ذلك صحيح، ولكني كنت قد دققت النظر، قبل اعطائه المال، وقرات الخطوط المنحوتة عليها والتي تقول اني دفعت لهذا الرجل ربع دينار! استمر الرجل في تجاهلي، ورغم تفاهة المبلغ الا اني شعرت بالحنق لمحاولة النصب العلنية هذه، قلت له: " لو سمحت الباقي"، نظر الي بابتسامة صفراء ، وقام باعطائي النقود وهو يقول" الا تريد شيئا اخر، لدينا..." لم استمع لبقية الكلام فقد ادرت وجهي وانصرفت عنه.
لم تكن زيارتي للاردن لغرض الزيارة، او السياحة، مع اني اغتنمت الفرصة لزيارة بعض الاقارب، ولكن كانت بغرض السفر منها الى غيرها، كما هو حال كل اهل الضفة من الفلسطينيين، الذين يجب ان يدخلوا الاردن اولا قبل ان يسافروا الى اي جهة في العالم، وكأنما يجب علينا ان نسجل الحضور في الاردن ذهابا وايابا، سياحة قسرية!
وكأنما قد ضاق الاردن ذرعا بنا، فاخذوا يبتدعون الوسائل لتحديد مكان مكوثك في المملكة، والغرض من الزيارة، والاهم من ذلك مدة الزيارة، وجهلوا عن قصد او دون قصد، ان مرور اهل فلسطين بالاردن، فقط مجرد المرور، يدر عليهم اموالا طائلة، ويحرك كل جوانب اقتصادهم!
في الاردن، لا تستطيع ان تعطس دون ان تدفع النقود، كل شيء له ثمن، حتى اذا قررت ان تشتري شريحة لجوالك، تفاجأ ان شركة النقال قد قامت بتنزيل كل الخدمات اللتي تقدمها والتي لا لزوم لها على خطك، وطبعا تستمر بالخصم من حسابك حتى تتصل بهم مرة ومرتين وثلاثة، راجيا الغاء هذه الخدمات.
المملكة الاردنية الهاشمية، اسم له وقع جميل، ان قررت ان تستثنيه من تاريخه وأصله ونشأته، اسم يربط الاردن بقبيلة بني هاشم، التي هي بطن من بطون قريش، قريش التي سكنت مكة منذ اكثر من الف وخمسمئة عام خلت، وفيها كان شرف سقاية الججاج قبل الاسلام وبعده، وحتى اليوم لا يزال القرشيون يسكنون مكة، بنو هاشم قبيلة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، جده هاشم سافر متاجرا، وتوفي ودفن بغزة، أليس الاولى ان نسمي غزة بمدينة غزة الهاشمية؟! او ربما دولة غزة الهاشمية، ان فشل الحوار بين الاخوة الخصماء، وأصبح لدينا دولتين، ليس فيهما فلسطين.
الحسين بن علي ، وُلد في الاستانة - اسطنبول- عاصمة اخر خلافة اسلامية، ثم سافر لمكة وهو ابن ثلاث، ثم نفي مرة اخري الى الاستانة، ثم عاد شريفا لمكة، ثم ثار على البلد الذي احتضنه مرتين.
ملخص ما دار بين الحسين واعداء الدولة التي وظفته شريفا على أطهر بقعة بالنسبة لاتباع الدين الذي حقر الخيانة والخونة، ان الحسين بن علي سيكون ملكا على الحجاز وسوريا عدا لواء الاسكندرونة، والعراق ويستثنى لبنان وفلسطين من ملكه.
اذا حاول احدهم ان يقنعني ان الثورة العربية الكبرى ليست خيانة، وان سببها استبداد الحكم التركي، وجمعية الاتحاد والترقي التركية، فكيف سيبرر ان قائد الثورة المجيدة، وافق حتى قبل ان يبدأ ثورته على استثناء جزء من بلاد المسلمين، او لنقل من بلاد العرب – على اعتبار ان من قام ومن حرك هذه الثورة هم دعاة القومية السذج الجهلة-.
الحسين بن علي اطلق رصاصة الثورة من شرفة دارته في مكه، معلنا اشارة البدء لجيوشه بالتحرك، واي جيوش، حفنة من البدو، و بعض الحرس، وجعل على قيادتها ابناءه النجباء، علي وعبدالله وفيصل، ولكن ما ان بدأت المناوشات وسمع اهل البلاد العربية وشبابها بها، الا وتسارعوا للانضمام ، وترك العديد من الضباط و الجنود العرب مواقعهم في الجيش العثماني ولحقوا بالحركة الجديدة، وهم يجهلون ما بيته لهم هذا الحسين، باتفاق مع مكماهون في المراسلات الشهيرة، والحقيقة ان هذه الثورة كانت أضعف من أن تكسر ظهر الدولة العثمانية، فحتى بعد سقوط اخر معاقل العثمانيين في سوريا، كانت المدينة المنورة لا تزال صامدة تقاوم، ولم يدخلها اتباع الثورة، الا بعد اتفاق ورضوخ لشروط قائد الحامية العثمانية فيها.
اما في بلاد الشام، فقد كانت القوات تسير بالتوجيهات البريطانية، يحاذيها الجيش البريطاني بقيادة الجنرال اللنبي، الذي اتخذ فلسطين مسارا لجيشه، حتى وصل القدس، وقال مقالته النتنة " اليوم انتهت الحروب الصليبية"، اما جيش الثورة فقد اتخذ الاردن مسارا له، وكان تحت قيادة فيصل صوريا، وقيادة لورنس العرب فعليا.
قبل ذلك كان اجتماع سري قد عقد في سان بطرسبرغ في روسيا، لتقسيم الكعكة، فالعراق والاردن من حصة بريطانيا، ولبنان وسوريا من حصة فرنسا، اما فلسطين فادارتها دولية، باشراف روسيا، وتلك كانت سايكس بيكو. | |
|
*Noor* مشرفة قسم إبداعاتنا
نقاط التميز : +100 عدد المساهمات : 468 العمر : 30 الموقع : فلســ أغلى وطن ــــطين العمل/الترفيه : طــالبـة :) المزاج : أعيش على أمل ~ نقاط : 6104 تاريخ التسجيل : 20/01/2009
| موضوع: رد: الاردن والثورة و انا - الجزء الاول الجمعة فبراير 27, 2009 3:25 pm | |
| صديقي جواز سفر أعتذر عن تأخري في الرد, شدّتني كلماتك, التي كلّما أردت أن أتداركها, تصدّني وترغمني أن أقرأها وأتمعن في حروفها, وأدرس تفاصيلها, حتّى بدت لي وكأنها قوّة, تدفعني للبقاء. سردك رائع, والأروع ما حواه هذا السرد نعم, نحن الفلسطينيون علينا أن نمرّ في الأردن في جميع رحلاتنا, وعلى جواز السفر الخاص بنا, أن يشتم عبق تلك الأرض الشاحبة, حتى عند زيارتنا لبيت الله, نمرّ بالأردن, وهذه إن لم تكن جزء من الرحلة, صارت عادة عندنا لا يستغني عنها الكثيرون!!! ينسبون أنفسهم لنسب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لا.. فالنسب ينفر منهم, اما ما ذكرت بشأن ال"اتفاقيات", لا أدري, في تلك الفترة , بما كانوا يفكرون؟مطامع تعمي العيون! وغباوة هؤلاء أكبر دليل. اشكرك جزيل الشكر.. دمت بود | |
|
Lana مبدع نشيط
عدد المساهمات : 416 العمر : 31 الموقع : فلسطين العمل/الترفيه : student المزاج : moody نقاط : 5805 تاريخ التسجيل : 06/01/2009
| موضوع: رد: الاردن والثورة و انا - الجزء الاول الخميس مارس 05, 2009 8:04 pm | |
| شكرا أخي على المقال بالنسبة لمرورنا بالأردن فمعك حق 100% في كل ما قلت أما بالنسبة لسايكس بيكو ولمراسلات حسين-مكماهون فللأسف هذا الشخص الذي يدّعي أنه شريف أثبت بأنه في قمة الغباء هو وكل من أتبعه | |
|
جواز سفر مبدع نشيط
نقاط التميز : +100 عدد المساهمات : 214 العمر : 41 الموقع : الامارات العمل/الترفيه : مهندس مدني نقاط : 5951 تاريخ التسجيل : 16/02/2009
| موضوع: رد: الاردن والثورة و انا - الجزء الاول الخميس مارس 05, 2009 10:24 pm | |
| شكرا نور وشكرا لانا على الردود في الحقيقة ان كلمة خيانة صفة ضئيلة امام ما فعله هذا الشخص، لا يوجد ما يمكن ان نصف فيه قبح فعلته! وكما يقول تميم البرغوثي " ضل الكلام وضل المهتدون به،،،،،،،،،،،،ان الصفات خيانات لما تصف" لا ادري لماذا دائما يكون قادتنا هم أراذلنا! | |
|